اليوم وجدت نفسي ملقاه على أريكتي مرتدية كامل ملابسي مستعدة للخروج, لم ينقصني سوى رسالة لتأكيد الميعاد. غفوت قليلا و في يدي امسك بهاتفي المتصل بخدمة الانترنت, خفت أن اتركه بجواري على المنضدة لعله يرن ولا اسمعه و لكن اهتزازه بين اصابعي بالتأكيد كافي ليوقظني من غفوتي.
كنت قد حاولت تحديد الموعد قبلها بيوم مع عزيز على قلبي و توقعت الرد بالأيجاب- و هذا ما كنت أتمناه- أو بالرفض قبل غفوتي بساعات, ارتديت ما رأيته مناسبا للمقابلة, ليست حلة أنيقة تلائم المطاعم الراقية و لكنها حتما ليست ما ارتديه يوميا اثناء تسوقي لشراء حاجيات العمل . البنطال الجينز يكتف رجلتي فأرتديه فقط لأبدو بشكل منمق عصري فيظهر رجلتي الطويلتين, الحذاء الأبيض الجلد الذي يصعب تنظيفه و لكنه لطالما دل على اللامبالاه لما قد تفعله شوارع المدينة بي و به, و "البلوزة" التي تظهر خصري بشكل جيد لكنها تمنعني عن التنفس بأريحية. زيي الكامل لم يمنعني من فرد ظهري على الأريكة أفكر في جدوى الأنتظار الذي طالما انتظرته لكل عزيز مر في حياتي.
منذ حوالي عشرة أشهر, اقتربت ليلة رأس السنة التي لم أحتفل بها من قبل. انتظرت دعوة لم تأت لحضور سهرة في ليلة مميزة كتلك, و كوني انسان ناضج يحاول التطوير من نفسه قررت عدم الأستسلام للأنتظار القاتل الذي طالما خيب ظني و لم يؤتني مرة واحدة ما أردته. كلمت صديق لأسأله عن احواله و عما يفعله احتفالا بالسنة الجديدة,عرض علي مرافقته لحفل ستعده صديقة له, و لم لا؟ حفلة مليئة بالكثير من الغرباء هي كل ما أحتاج لأنسى كل ما انتظرته العام المنتهي و لم يأت و ما آملت الحصول عليه فلم أحصل عليه ولا فقدت الأمل.
استعديت نصف استعداد لعدم تأكيد الموعد يومها, فوضبت شعري حتى لا افاجأ بتأكيد الميعاد قبلها بوقت ضيق لا يؤهلني للظهور بالمظهر الذي اتنماه, و أعددت باقي جسدي كأي فتاة تستعد لأرتداء فستان, انتظرت كثيرا حتى مر وقت كافي لاخباري أن الأتفاق لن يتم, بل و أيضا يخبر أمي التي همت بقول "شكلك مش نازل النهاردة". حاولت تهيئة نفسي للاحتفال الوحيد الذي اعرفه و هو فيلم سهرة بالمنزل . بعد أيام حدثني صديقي الذي مازحته بخصوص انتظاري لتأكيده على الموعد, اعتذر لي انه نسى حتى أن يذهب هو. نسيت كل ما حدث و لا زلت أتذكر الأنتظار.
احتفظ في ركن من ذاكرتي بكل ما آملت فيه يوما ما; صديقي الذي قاطعني بعد مشاجرة طفولية فآملت أن يرد على رسائلي, والحبيب الذي غاب فآملت أن يرجع في قلبه شوق و رغبة, و الرحلة التي أؤجلها سنة تلو الأخرى فآملت أن تتحقق تلك السنة, حتى عرض ديزني على الجليد المعروض لأول مرة بمصر الذي تمنيت حضوره و انا طفلة. كل ما أنتظرته يوما ما و لم يحدث لا يتركني شبحه لأتنفس هواء فرصة جديدة, صداقة جديدة و حب جديدة; حتى عرض ديزني الذي أصبح يتكرر كل عام تقريبا و لم احضره حتى الآن.
انتظرت كثيرا فقداني للأمل, و آملت كثيرا ألا أمل الأنتظارو بين الحينين أرفع رجلتي من الأرض لأضعهما أمامي على الأريكة و أنا في كامل ملابسي و أتكئ برأسي على يدي الحاملة لهاتفي المحمول المتصل بخدمة الأنترنت لعله يصدر جرس محبب لقلبي يعلن وصول رد لطالما انتظرته.